كتاب الثقة الإبداعية، تأليف توم كيلي و ديفيد كيلي

وصف جاي كاوازاكي الكتاب “هذا هو الكتاب الوحيد عن الإبداع الذي سوف تحتاجه في أي وقت “. يركز الكتاب على الإبداع و التفكير التصميمي و الابتكار و دور أصحاب القرار في المنظمات (رواد الأعمال والرؤساء التنفيذيين) في ذلك.

يتمتع مؤلفي الكتاب بخبرات وتجارب لأكثر من 30 عاماً في مجال الإبداع والابتكار. شملت تأسيس شركة التصميم والابتكار العالمية (IDEO) و كلية التصميم في جامعة ستانفورد، كما يشارك مؤلفي الكتاب تجاربهم في تطوير العديد من المنتجات المبتكرة لشركات عالمية مثل أبل و جنرال إلكتريك.

الإبداع

هناك اعتقاد خاطئ بأن الإبداع يقتصرعلى مجالات مثل مجالات الفنون؛ النحت والرسم والموسيقى والتصميم، أو أن الإبداع سمة ثابتة تولد مع الشخص. في الحقيقة جميعنا مبدعون ونمتلك قدراً كبير من الطاقة الإبداعية الكامنة التي تنتظر أن يستفاد منها وهذا ما نطلق عليه الثقة الإبداعية.

الثقة الإبداعية في جوهرها تتعلق بالإيمان في قدرتك علي إحداث تغيير في العالم من حولك، أي القناعة بأننا نستطيع إنجاز ما نشرع القيام به. هذه الثقة في النفس والإيمان بالقدرات هي الأهم في عملية الابتكار. في الواقع، الثقة الإبداعية مثل العضلة حيث يمكن تقويتها ورعايتها بالجهد والخبرة.

عالم الأعمال اليوم يواجه العديد من التحديات وتدرك معظم الشركات في وقتنا الحاضر بأن الابتكار هو مفتاح النمو والمنافسة وحتى البقاء. في مسح أجرته آي بي إم وشارك فيه أكثر من 1,500 مدير تنفيذي، استخلص أن الإبداع هو أهم كفاءة قيادية على الإطلاق للمؤسسات التي تواجه تعقيدات الأعمال اليوم.

في دراسة آخرى لشركة أدوبي شارك فيها 5,000 شخص حول العالم، كان من نتائجها هو %80 من المشاركين يرون بأن تحرير القدرات الإبداعية الكامنة هو مفتاح النمو الاقتصادي ومع ذلك يرى %25 منهم بأنهم يحققون قدراتهم الإبداعية.

في الواقع، القيمة الحقيقية للإبداع لا تظهر حتى تصبح شجاعاً لاتخاذ إجراء بشأن تلك الأفكار. إن ذلك المزيج من الأفكار والأفعال يعرِّف بوضوح الثقة الإبداعية: القدرة على توليد أفكار جديدة والشجاعة لتجربتها.

عندما يتجاوز الناس الخوف الذي يكبت الإبداع لديهم، تظهر إمكانيات جديدة من جميع الأنواع. وبدلاً من أن يكون الإنسان مشلولاً بسبب توقع الفشل، فإنه ينظر إلى كل تجربة بأنها فرصة للتعلم.

الحاجة لليقين والسيطرة بغية الكمال يجعل الناس عالقين في مرحلة التخطيط، في حين أن الثقة الإبداعية تجعل الناس مرتاحين مع حالة عدم اليقين ومحفزين للبدء بالفعل ويكونوا محررين لتحدي الوضع القائم ولديهم الشجاعة والمثابرة في مواجهة العقبات.

من التفكير التصميمي إلى الثقة الإبداعية

أن التصميم المتمحور حول الإنسان يؤدي إلى ابتكارات ثورية، وفرص جديدة للابتكار عندما تبدأ عملية حل المشكلة بتعاطف تجاه الجمهور المستهدف. يمكن أن يؤدي التفكير كمصمم إلى تغيير طريقة تطوير المؤسسات للمنتجات والخدمات والعمليات والاستراتيجيات.

لا توجد منهجية للابتكار ذات مقاس واحد يناسب الجميع، إلا أن أغلبها يشمل 4 خطوات: إلهام و توليف و تشكيل الأفكار/تجريب وتنفيذ. التفكير التصميمي هو منهجية نستطيع باستخدامها معالجة مجموعة متنوعة واسعة من التحديات الشخصية والاجتماعية بطرق إبداعية جديدة.

يعزز التفكير التصميمي ثقافة الإبداع وبناء الأنظمة الداخلية اللازمة لإدامة الابتكار وإطلاق مشاريع جديدة. أحد أهم الشروط المسبقة للثقة الإبداعية هو الاعتقاد بأن مهاراتك وقدراتك على الابتكار غير ثابتة؛ يجب أن تعتقد بأن التعلم والنمو هما أمران ممكنان.

أو كما تصفه كارول دويك أستاذ علم النفس في جامعة ستانفورد، بعقلية نمو. تؤكد كارول أسباب مقنعة مدعومة بدراسات بأنه وبصرف النظر عن الموهبة والقدرات أو معدلات الذكاء، يمكننا توسيع قدراتنا من خلال الجهد والخبرة. نقيض عقلية النمو هي العقلية الثابتة حيث يؤمن الشخص بأن كل فرد يولد بقدر معين من الذكاء أو بقدر معين من الموهبة، لذا يفضلون البقاء في منطقة الراحة متخوفين من انكشاف قدراتهم المحدودة للآخرين.

من المهم البدء بعقلية النمو والإيمان الكامل بقدراتك الكامنة الغير معروفة بعد، والبدء بالعمل ولكن قبل ذلك يجب أن نتغلب على الخوف الذي يكبت قدراتنا الإبداعية.

الانتقال من الخوف إلى الشجاعة

من أكبر العقبات لاكتساب العقلية الإبداعية هو الخوف من الفشل والذي يتجسد قي أشكال منها الخوف من التعرض لإطلاق الأحكام والخوف من البدء والخوف من المجهول.

يعتقد البعض بأن العباقرة المبدعين نادراً ما يفشلون، وهذا غير صحيح. يتميز العباقرة المبدعون بأنهم يقومون بفعل قدر أكبر وهذا كل شيء، أنهم يطلقون عدد أكبر من الطلقات على الهدف. تحقيق قدر أكبر من النجاح يستوجب عدم الاكتراث لقدر أكبر من الفشل.

الخوف من الفشل يمنعنا من تعلم مهارات جديدة ومن الإقدام على المخاطر ومن التصدي لتحديات جديدة. والثقة الإبداعية تتطلب أن تتغلب على ذلك الخوف.

ما يميز وادي السيليكون ليس نجاحاتها، وإنما الطريقة التي تتعامل فيها مع الفشل. الثقافات التي تشجع رواد المشاريع تتميز بقدر أكبر من التقدير والتفهم لما يسمى “الفشل البناء”.

إن إحدى الطرق لاعتماد الإبداع هي في ترك المقارنة، فإذا كنت مهتماً في مراعاة متطلبات الآخرين أو في كيف تقارن بمستوى نجاحات الآخرين، لن تقوم بخوض المخاطر والريادة المتأصلين في المساعي الإبداعية.

من التخطيط إلى العمل

إجراء التجارب للتعلم: أفضل طريقة لتحقيق تقدم نحو الهدف هو بناء النموذج الأولي. إن السبب في صنع النماذج الأولية هو التجريب. بعض الفشل لا يمكن تجنبه، لذا أنت بحاجة للقيام بالبحث عن طرق جديدة ذكية لإجراء تجارب متدنية التكاليف.

أفضل أنواع الإخفاقات تكون سريعة ورخيصة ومبكرة، ما يترك لك الكثير من الوقت والموارد للتعلم من التجارب وإجراء عمليات تكرارية لأفكارك. نوع النماذج الأولية يعتمد على الهدف من التعلم ومن الطرق الفعالة هو منتج الحد الأدني لقابلية التطبيق MVP.

بشكل عام، يعتبر الكتاب من أهم الكتب المفيدة في مجال الإبداع والتفكير التصميمي و بناء ثقافة الابتكار، فهو جدير بأن يكون في مكتبة الشركات الناشئة كمرجع للاستفادة منه في بناء وتطوير المنتجات المبتكرة.